لماذا يرتفع عدد اللقطاء في بعض البلدان العربية؟
صفحة 1 من اصل 1
لماذا يرتفع عدد اللقطاء في بعض البلدان العربية؟
لماذا يرتفع عدد اللقطاء في بعض البلدان العربية؟
هل للجنسية الممنوحة لهم علاقة بالأمر؟
أعدت الملف: لينا الحوراني
شريحة «اللقطاء» موجودة منذ أقدم العصور، وقد أولتها دول العالم، والدول العربية مؤخرًا عناية خاصة، بعد الدخول في اتفاقيات حقوق الطفل العالمية، فارتفع عدد الملقى بهم إما أمام أبواب المستشفيات، أو المساجد، أو الحدائق، حتى تحول الأمر لظاهرة تنذر بخطر في بعض الدول العربية، ومع ذلك تغيب الإحصائيات الصريحة في أغلبها.. فكيف يتم التصرف حيالهم، وما هي نظرة المجتمع إليهم، وهم يحمّلون خطيئة والديهم. وهل وجدت بعض الجنسيات إعطاء جنسية للقيط في الدول الخليجية بابًا لرمي أولادهم على عتبات الطرقات؟ «سيدتي» تفتح هذا الملف المؤلم بقصص متنوعة في 6 بلدان عربية.
السعودية: عاشت أم يزيد طفولتها في بيت أسرتها مع خمسة أشقاء، وكانت أنا الابنة الوحيدة، ورغم أنها مدللة من قبل والدتها، إلا أنها كانت تشعر بالوحدة لأنه لا يوجد لديها شقيقة، وكانت دائمًا تردد على مسامع والدتها:«لماذا لا تكفلين بنتًا من الدار تكون لي شقيقة تؤانسني في وحدتي؟»، فكانت تجيبها بقولها: «إذا تزوجتِ ولم تنجبي بنتًا، أو لم تكن لابنتك شقيقة كفلى من الدار». فكنت أجيبها قائلة:«لن أترك ابنتي تعاني من الوحدة، ومن عدم وجود شقيقة تشكو لها همومها، وتلعب معها»،
مرت الأيام، وتزوجت أم يزيد، ورزقها الله بثلاثة أبناء، وابنة واحدة كانت هي آخر العنقود، حيثُ تعبت أثناء إنجابها لها، فقررت أن تكتفي بما أنجبت من أطفال، وعندما بلغت ابنتها عامها الأول شعرت أنها ستعاني كما عانت هي في صغرها، حيثُ ستتربى بين أشقاء ذكور، وتفتقد الشقيقة التي تلعب، وتلهو معها، وبعد وفاة والدتها أصبحت تراودها الفكرة أكثر.
أدت أم يزيد على تلك السنة التي اتخذت فيها قرارها وتابعت: «قررت تنفيذ فكرتي بعد استشارة زوجي، وأخذ موافقته الأكيدة، وعندما شرحت له تفهم الموضوع، فسعدت كثيرًا، وحمدت الله، ولا أخفيكم أنّ حالتنا الاجتماعية كانت جيدة جدًا، ومنزلنا مؤهل لاستقبال عدد من الأطفال، وليس واحدًا، وبما أنني ألقي محاضرات في مدارس التحفيظ، فعن طريق الزميلات هناك نسقت معهنّ لمساعدتي في البحث عن طفلة (لقيطة) شرط أن أعرف ظروف إيداعها في الدار، وتكون بنفس عمر ابنتي، وبالفعل استطاعت إحدى الزميلات مساعدتي، حيثُ وجدت طفلة تبلغ عامها الأول، وذهبت، وطلبت أن أضم الطفلة إلى أبنائي، وأتولى تربيتها، ورعايتها، وبعد أن أكملت الإجراءات التي طُلبت مني أخذت الطفلة إلى منزلنا بعد أن حضرت إحدى المسؤولات، وشاهدت المنزل، ومدى صلاحيته لأن تقيم به الطفلة» ..اعتبرت أم يزيد أن الفتاة التي أتت بها أمانة، فشعرت بالخوف عليها جدًا، وكانت كلما ذهبت لزيارة أقاربها، أو أقارب زوجها يظن من لا يعرف (منى) الطفلة التي تكفلها أنها توأم لابنتها (سارة) رغم اختلاف الملامح، لكن تشابه الملابس، وطريقة تصفيف الشعر، والعمر تجعلهما نسختين...
الإمارات: خلال الفترة الماضية، وفي غضون أقل من شهر، عثر على أطفال مجهولي الأبوين في أماكن مختلفة، واحدة على كورنيش عجمان داخل سلة، وثانية بالقرب من مسجد في دبي، وثالث في رأس الخيمة، وطفل وطفلة معًا بالقرب من مسجد في الشارقة، أثارت هذه الأخبار مخاوف من تحول هذه الحالات الفردية إلى ظاهرة. وطرحت تساؤلات حول استعداد كثير من العائلات لكفالة هؤلاء الأطفال، ولكن هل مثل هذا الإقبال على الكفالة، يشجع أولئك (المجرمين) على التخلي عن أبنائهم، خصوصًا أن الإمارات لديها الاستعداد لتوفير كافة احتياجات هؤلاء الأطفال.
خلال الاجتماع الأول للعام الجاري للجنة الدائمة لرعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الاجتماعية بالشارقة، الذي ترأسه الشيخ محمد بن صقر القاسمي، مدير منطقة الشارقة الطبية، رئيس اللجنة، أشارت اللجنة إلى أن عدد الأطفال الجدد الذين انضموا لدور الرعاية الاجتماعية بالشارقة، في الفترة من أكتوبر من العام الماضي حتى يناير الماضي بلغ 94 طفلاً، ليصل العدد التراكمي إلى 1356 طفلاً في كل من دار الرعاية الاجتماعية للأطفال، وإدارة حماية حقوق الطفل، ودار الأمان.
لكن سيدة -رفضت الكشف عن اسمها وهويتها- لديها رغبة في كفالة طفل، ومؤخرًا هي لا تستطيع ذلك لأسباب مادية، ومالية، واقتصادية، ويؤيدها أبو عبدالله رجل في بداية الخمسينيات من عمره، بأن الظروف الاقتصادية ما عادت تسمح للعائلات الوافدة، وحتى المواطنة في الإمارات بالكفالة..
البحرين: يتم التعامل مع ظاهرة اللقطاء بسرية تامة، ولا توجد أي إحصائيات، أو دراسات حولها، حتى وزارة الداخلية التي يتم عن طريقها التحقيق في حوادث العثور على اللقطاء لا تصرح حولهم إلا بالبيان المختصر، وعادة ما تكون وزارة التنمية الإجتماعية هي الجهة المسؤولة بعد الداخلية بالإهتمام باللقيط ووضعه بمركز للرعاية، حيثُ يتم منحه اسمًا مع الجنسية البحرينية، ويتمتع بحقوق المواطنة، وواجباتها، ولكنه يبقى في نظر الآخرين في المجتمع (عارًا) حسبما روته الإعلامية فاطمة علي المتابعة لمثل هذه القضايا.....
لعل من أهم حوادث «اللقطاء» التي تحدث عنها المجتمع البحريني كثيرًا، أن آسيوية حملت سفاحًا، وكانت خالتها تعمل قابلة في مستشفى بالمنامة، فاقترحت على ابنة أختها أن تترك طفلتها في موقف السيارات الخاص بالمستشفى، وبالفعل فعلت هذا لتأتي خالتها وتبدأ بالصراخ في موقف درامي، ثم تعهدت الخالة الممرضة برغبتها بضم هذه الطفلة «اللقيطة»، ولكن خطتها فشلت بعد أن أبلغ حارس الأمن الذي كان يتابع المشهد عن بعد عن المرأة التي كانت تحمل الكارتون، والتي وجدها تحاول الخروج من دونه، والتي اعترفت فورًا عن خالتها، وأنها هي من وضع الخطة التي لم تنجح.....
مصر: لم تشأ الأقدار أن ترزق انتصار من زوجها بطفل، وهددها الزوج بالانفصال فلم تجد أمامها إلا إقناعه بكفالة أحد الأطفال اللقطاء من ملجأ «دار الطفولة السعيدة بالإسكندرية» تروي انتصار لـ «سيدتي»: «كانت في الأسبوع الأول من عمرها، لكن زوجي قرر الانفصال للزواج من جديد رغبة في الإنجاب». تروي انتصار بقية قصتها مع «دنيا»: استخرجت للطفلة شهادة ميلاد رسمية باسم دنيا باسمي واسم طليقي، وعندما بلغت ثلاث سنوات طلبت مني إدارة الملجأ تسليم البنت لظهور أهلها، وأعطوني شهادة ميلاد لها باسم أمها الحقيقية «منى»، واسم الطفلة الجديد (سماح عبد الستار)، وعندما قررت اللجوء للقضاء خافت الأم (منى) من افتضاح أمرها، وكان لدنيا (أو سماح) أختان تعيشان مع الأم منى، وزوجها عبد الستار وأخبرتني منى أنها ستُطلق من زوجها، ورجتني أن آخذ ابنتيها مع ابنتي دنيا فترة النهار على أن تأتي في المساء فتأخذ ابنتيها سمر، وإيمان، وتترك لي دنيا»
المدهش أن منى اختفت، وتركت بناتها، وعلمت انتصار من والدتها في القباري بالإسكندرية أن منى طلقت من عبد الستار، وتزوجت من آخر، فأخذتهما انتصار لمنزلها، ثم تنازل الأب عن ابنتيه بعقد موثق على يد محامٍ؛ وسافر، تتابع انتصار: «ربيت البنتين مع دنيا لمدة تسع سنوات، رغم دخلي البسيط؛ حتى عاد الوالد، واسترد ابنتيه بعد تسع سنوات، وظلت دنيا معي. وكان لابد للحقيقة أن تظهر في أحد الأيام، فصارحت دنيا بأنني أمها التي ربيتها ولم ألدها، ومنذ شهرين ظهرت الأم (منى) من جديد، واتصلت بي، وأخبرتني أنها تريد أن تخرج مع دنيا، ومنذ تلك الليلة لم تعد ابنتي فقد اكتشفت أن الأم (منى) خطفتها.....
تونس: حسب الإحصائيات التونسية الرسمية، قرابة ألف طفل يولدون كل عام خارج مؤسسة الزواج، لكن الطفل المتبنى يكتب باسم الأبوين الجديدين في أوراقهما الرسمية، ويحمل اسم عائلتهما، فلا ينسى التونسيون يوم أطلت سلمى على عشرة ملايين تونسي من خلال شاشة التليفزيون لتتوسل إلى المرأة التي ولدتها، وتخلت عنها في أحد المستشفيات أن تتصل بها، وقالت لها: «لن أفسد عليك حياتك، ويمكن أن ألاقيك سرًا، ولكن أرجوك اتصلي بي»، وأعطتها تاريخ ولادتها، والمستشفى الذي وضعتها به..إنها صرخة شابة في العشرين من عمرها أنجبتها أمها نتيجة علاقة غير شرعية، ثم تخلت عنها خوفًا من الفضيحة.
موريتانيا: «آمنة بنت عبدالله» هي سيدة تعيش في حي البصرة الفقير بالعاصمة نواكشوط، وأصبحت تعرف في حيها بـ «أم اللقطاء»؛ نظرا لكونها ملاذًا للكثيرين ممن قرروا في لحظة ما أن يتخلوا عن فلذات أكبادهم!
قبل 15 عامًا كانت آمنة الفقيرة على موعد مع لحظة غريبة، قلبت حياتها رأسا على عقب.. فعندما كانت عائدة من يوم عمل شاق بحثًا عن قوت عيالها، فوجئت بوجود طفلة صغيرة وضعها أحدهم ملفوفة في رداء أبيض.... وكانت مفاجأتها كبيرة حيثُ أبلغت السلطات، وتبنت الطفلة الصغيرة، وضمتها إلى أفراد العائلة. تقول آمنة: « أصبحت قطعة مني أكثر من بناتي».
هذه الطفلة كانت الأولى؛ ولكنها لم تكن الأخيرة.. فقد استمر العابرون المجهولون بوضع أطفالهم أمام بابها.. حتى ربت في بيتها المتواضع 20 لقيطًا.. وهي تبيع الخضار، وتعمل في الفترات المسائية بأحد حمامات نواكشوط لتوفر لهم القوت اليومي، ويعيش في حضنها الآن 7 لقطاء، من أعراق مختلفة.. لكل واحد منهم قصة مختلفة.. لكنهم جميعًا إخوة، وأبناء لهذه السيدة. قد يتعرف أحدهم يومًا إلى والدته ووالده.. لكنهم اليوم يعرفون فقط حضنا واحدًا.. تقول آمنة لـ«سيدتي»: «غفر الله لكل أهاليهم.. لكنني اليوم، وغدًا أهلهم ومأواهم، وكل واحد منهم قطعة مني، يتحركون في قلبي، وأنا سعيدة عندما أراهم يكبرون.. يدرسون.. ويحققون أحلامهم، إنها سعادة لا يعادلها شيء على الأرض».[center]
هل للجنسية الممنوحة لهم علاقة بالأمر؟
أعدت الملف: لينا الحوراني
شريحة «اللقطاء» موجودة منذ أقدم العصور، وقد أولتها دول العالم، والدول العربية مؤخرًا عناية خاصة، بعد الدخول في اتفاقيات حقوق الطفل العالمية، فارتفع عدد الملقى بهم إما أمام أبواب المستشفيات، أو المساجد، أو الحدائق، حتى تحول الأمر لظاهرة تنذر بخطر في بعض الدول العربية، ومع ذلك تغيب الإحصائيات الصريحة في أغلبها.. فكيف يتم التصرف حيالهم، وما هي نظرة المجتمع إليهم، وهم يحمّلون خطيئة والديهم. وهل وجدت بعض الجنسيات إعطاء جنسية للقيط في الدول الخليجية بابًا لرمي أولادهم على عتبات الطرقات؟ «سيدتي» تفتح هذا الملف المؤلم بقصص متنوعة في 6 بلدان عربية.
السعودية: عاشت أم يزيد طفولتها في بيت أسرتها مع خمسة أشقاء، وكانت أنا الابنة الوحيدة، ورغم أنها مدللة من قبل والدتها، إلا أنها كانت تشعر بالوحدة لأنه لا يوجد لديها شقيقة، وكانت دائمًا تردد على مسامع والدتها:«لماذا لا تكفلين بنتًا من الدار تكون لي شقيقة تؤانسني في وحدتي؟»، فكانت تجيبها بقولها: «إذا تزوجتِ ولم تنجبي بنتًا، أو لم تكن لابنتك شقيقة كفلى من الدار». فكنت أجيبها قائلة:«لن أترك ابنتي تعاني من الوحدة، ومن عدم وجود شقيقة تشكو لها همومها، وتلعب معها»،
مرت الأيام، وتزوجت أم يزيد، ورزقها الله بثلاثة أبناء، وابنة واحدة كانت هي آخر العنقود، حيثُ تعبت أثناء إنجابها لها، فقررت أن تكتفي بما أنجبت من أطفال، وعندما بلغت ابنتها عامها الأول شعرت أنها ستعاني كما عانت هي في صغرها، حيثُ ستتربى بين أشقاء ذكور، وتفتقد الشقيقة التي تلعب، وتلهو معها، وبعد وفاة والدتها أصبحت تراودها الفكرة أكثر.
أدت أم يزيد على تلك السنة التي اتخذت فيها قرارها وتابعت: «قررت تنفيذ فكرتي بعد استشارة زوجي، وأخذ موافقته الأكيدة، وعندما شرحت له تفهم الموضوع، فسعدت كثيرًا، وحمدت الله، ولا أخفيكم أنّ حالتنا الاجتماعية كانت جيدة جدًا، ومنزلنا مؤهل لاستقبال عدد من الأطفال، وليس واحدًا، وبما أنني ألقي محاضرات في مدارس التحفيظ، فعن طريق الزميلات هناك نسقت معهنّ لمساعدتي في البحث عن طفلة (لقيطة) شرط أن أعرف ظروف إيداعها في الدار، وتكون بنفس عمر ابنتي، وبالفعل استطاعت إحدى الزميلات مساعدتي، حيثُ وجدت طفلة تبلغ عامها الأول، وذهبت، وطلبت أن أضم الطفلة إلى أبنائي، وأتولى تربيتها، ورعايتها، وبعد أن أكملت الإجراءات التي طُلبت مني أخذت الطفلة إلى منزلنا بعد أن حضرت إحدى المسؤولات، وشاهدت المنزل، ومدى صلاحيته لأن تقيم به الطفلة» ..اعتبرت أم يزيد أن الفتاة التي أتت بها أمانة، فشعرت بالخوف عليها جدًا، وكانت كلما ذهبت لزيارة أقاربها، أو أقارب زوجها يظن من لا يعرف (منى) الطفلة التي تكفلها أنها توأم لابنتها (سارة) رغم اختلاف الملامح، لكن تشابه الملابس، وطريقة تصفيف الشعر، والعمر تجعلهما نسختين...
الإمارات: خلال الفترة الماضية، وفي غضون أقل من شهر، عثر على أطفال مجهولي الأبوين في أماكن مختلفة، واحدة على كورنيش عجمان داخل سلة، وثانية بالقرب من مسجد في دبي، وثالث في رأس الخيمة، وطفل وطفلة معًا بالقرب من مسجد في الشارقة، أثارت هذه الأخبار مخاوف من تحول هذه الحالات الفردية إلى ظاهرة. وطرحت تساؤلات حول استعداد كثير من العائلات لكفالة هؤلاء الأطفال، ولكن هل مثل هذا الإقبال على الكفالة، يشجع أولئك (المجرمين) على التخلي عن أبنائهم، خصوصًا أن الإمارات لديها الاستعداد لتوفير كافة احتياجات هؤلاء الأطفال.
خلال الاجتماع الأول للعام الجاري للجنة الدائمة لرعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الاجتماعية بالشارقة، الذي ترأسه الشيخ محمد بن صقر القاسمي، مدير منطقة الشارقة الطبية، رئيس اللجنة، أشارت اللجنة إلى أن عدد الأطفال الجدد الذين انضموا لدور الرعاية الاجتماعية بالشارقة، في الفترة من أكتوبر من العام الماضي حتى يناير الماضي بلغ 94 طفلاً، ليصل العدد التراكمي إلى 1356 طفلاً في كل من دار الرعاية الاجتماعية للأطفال، وإدارة حماية حقوق الطفل، ودار الأمان.
لكن سيدة -رفضت الكشف عن اسمها وهويتها- لديها رغبة في كفالة طفل، ومؤخرًا هي لا تستطيع ذلك لأسباب مادية، ومالية، واقتصادية، ويؤيدها أبو عبدالله رجل في بداية الخمسينيات من عمره، بأن الظروف الاقتصادية ما عادت تسمح للعائلات الوافدة، وحتى المواطنة في الإمارات بالكفالة..
البحرين: يتم التعامل مع ظاهرة اللقطاء بسرية تامة، ولا توجد أي إحصائيات، أو دراسات حولها، حتى وزارة الداخلية التي يتم عن طريقها التحقيق في حوادث العثور على اللقطاء لا تصرح حولهم إلا بالبيان المختصر، وعادة ما تكون وزارة التنمية الإجتماعية هي الجهة المسؤولة بعد الداخلية بالإهتمام باللقيط ووضعه بمركز للرعاية، حيثُ يتم منحه اسمًا مع الجنسية البحرينية، ويتمتع بحقوق المواطنة، وواجباتها، ولكنه يبقى في نظر الآخرين في المجتمع (عارًا) حسبما روته الإعلامية فاطمة علي المتابعة لمثل هذه القضايا.....
لعل من أهم حوادث «اللقطاء» التي تحدث عنها المجتمع البحريني كثيرًا، أن آسيوية حملت سفاحًا، وكانت خالتها تعمل قابلة في مستشفى بالمنامة، فاقترحت على ابنة أختها أن تترك طفلتها في موقف السيارات الخاص بالمستشفى، وبالفعل فعلت هذا لتأتي خالتها وتبدأ بالصراخ في موقف درامي، ثم تعهدت الخالة الممرضة برغبتها بضم هذه الطفلة «اللقيطة»، ولكن خطتها فشلت بعد أن أبلغ حارس الأمن الذي كان يتابع المشهد عن بعد عن المرأة التي كانت تحمل الكارتون، والتي وجدها تحاول الخروج من دونه، والتي اعترفت فورًا عن خالتها، وأنها هي من وضع الخطة التي لم تنجح.....
مصر: لم تشأ الأقدار أن ترزق انتصار من زوجها بطفل، وهددها الزوج بالانفصال فلم تجد أمامها إلا إقناعه بكفالة أحد الأطفال اللقطاء من ملجأ «دار الطفولة السعيدة بالإسكندرية» تروي انتصار لـ «سيدتي»: «كانت في الأسبوع الأول من عمرها، لكن زوجي قرر الانفصال للزواج من جديد رغبة في الإنجاب». تروي انتصار بقية قصتها مع «دنيا»: استخرجت للطفلة شهادة ميلاد رسمية باسم دنيا باسمي واسم طليقي، وعندما بلغت ثلاث سنوات طلبت مني إدارة الملجأ تسليم البنت لظهور أهلها، وأعطوني شهادة ميلاد لها باسم أمها الحقيقية «منى»، واسم الطفلة الجديد (سماح عبد الستار)، وعندما قررت اللجوء للقضاء خافت الأم (منى) من افتضاح أمرها، وكان لدنيا (أو سماح) أختان تعيشان مع الأم منى، وزوجها عبد الستار وأخبرتني منى أنها ستُطلق من زوجها، ورجتني أن آخذ ابنتيها مع ابنتي دنيا فترة النهار على أن تأتي في المساء فتأخذ ابنتيها سمر، وإيمان، وتترك لي دنيا»
المدهش أن منى اختفت، وتركت بناتها، وعلمت انتصار من والدتها في القباري بالإسكندرية أن منى طلقت من عبد الستار، وتزوجت من آخر، فأخذتهما انتصار لمنزلها، ثم تنازل الأب عن ابنتيه بعقد موثق على يد محامٍ؛ وسافر، تتابع انتصار: «ربيت البنتين مع دنيا لمدة تسع سنوات، رغم دخلي البسيط؛ حتى عاد الوالد، واسترد ابنتيه بعد تسع سنوات، وظلت دنيا معي. وكان لابد للحقيقة أن تظهر في أحد الأيام، فصارحت دنيا بأنني أمها التي ربيتها ولم ألدها، ومنذ شهرين ظهرت الأم (منى) من جديد، واتصلت بي، وأخبرتني أنها تريد أن تخرج مع دنيا، ومنذ تلك الليلة لم تعد ابنتي فقد اكتشفت أن الأم (منى) خطفتها.....
تونس: حسب الإحصائيات التونسية الرسمية، قرابة ألف طفل يولدون كل عام خارج مؤسسة الزواج، لكن الطفل المتبنى يكتب باسم الأبوين الجديدين في أوراقهما الرسمية، ويحمل اسم عائلتهما، فلا ينسى التونسيون يوم أطلت سلمى على عشرة ملايين تونسي من خلال شاشة التليفزيون لتتوسل إلى المرأة التي ولدتها، وتخلت عنها في أحد المستشفيات أن تتصل بها، وقالت لها: «لن أفسد عليك حياتك، ويمكن أن ألاقيك سرًا، ولكن أرجوك اتصلي بي»، وأعطتها تاريخ ولادتها، والمستشفى الذي وضعتها به..إنها صرخة شابة في العشرين من عمرها أنجبتها أمها نتيجة علاقة غير شرعية، ثم تخلت عنها خوفًا من الفضيحة.
موريتانيا: «آمنة بنت عبدالله» هي سيدة تعيش في حي البصرة الفقير بالعاصمة نواكشوط، وأصبحت تعرف في حيها بـ «أم اللقطاء»؛ نظرا لكونها ملاذًا للكثيرين ممن قرروا في لحظة ما أن يتخلوا عن فلذات أكبادهم!
قبل 15 عامًا كانت آمنة الفقيرة على موعد مع لحظة غريبة، قلبت حياتها رأسا على عقب.. فعندما كانت عائدة من يوم عمل شاق بحثًا عن قوت عيالها، فوجئت بوجود طفلة صغيرة وضعها أحدهم ملفوفة في رداء أبيض.... وكانت مفاجأتها كبيرة حيثُ أبلغت السلطات، وتبنت الطفلة الصغيرة، وضمتها إلى أفراد العائلة. تقول آمنة: « أصبحت قطعة مني أكثر من بناتي».
هذه الطفلة كانت الأولى؛ ولكنها لم تكن الأخيرة.. فقد استمر العابرون المجهولون بوضع أطفالهم أمام بابها.. حتى ربت في بيتها المتواضع 20 لقيطًا.. وهي تبيع الخضار، وتعمل في الفترات المسائية بأحد حمامات نواكشوط لتوفر لهم القوت اليومي، ويعيش في حضنها الآن 7 لقطاء، من أعراق مختلفة.. لكل واحد منهم قصة مختلفة.. لكنهم جميعًا إخوة، وأبناء لهذه السيدة. قد يتعرف أحدهم يومًا إلى والدته ووالده.. لكنهم اليوم يعرفون فقط حضنا واحدًا.. تقول آمنة لـ«سيدتي»: «غفر الله لكل أهاليهم.. لكنني اليوم، وغدًا أهلهم ومأواهم، وكل واحد منهم قطعة مني، يتحركون في قلبي، وأنا سعيدة عندما أراهم يكبرون.. يدرسون.. ويحققون أحلامهم، إنها سعادة لا يعادلها شيء على الأرض».[center]
احمد الشريف- عدد المساهمات : 3
نقاط : 9
تاريخ التسجيل : 02/08/2010
العمر : 69
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى